انا ابن ريف
واني لمعتدٌ بذلك............!!
انا ابن الشروق والغروب بمسافاته المفتوحة على القلوب والعيون .
ابن الزرع والحصاد
رائحتي تشبه رائحة التراب بعد المطر ولي حصة من الضوء ميزت وجهي.
انا الباسق في ملاعب الريح كصفصاف ،
العتيق كسنديان الهضاب .
والشامخ المعتد بحضوره كحصان .
ثابت كجبل ، واثق كخطى الحب ، خشنٌ كصخر ،
وناضجٌ كقبلة .
لدي من الحنين ما يكفي لامداد الصباحات بالندى، ومن القسوةِ ما يجفل الرعد .
انا ابن ريف
شاهقٌ كذئب وبدر ، وممتدٌ كحقل قمح
انا الارحب في معادلة المكان ،
ابن البراري الذي لا يدجن في قفص .
اتقن لغة الصحو باكراً
مشبعاً بامتزاج تلك الخلطات السرية بين الصوت والرائحة ومنظر الاشياء .
أنا إن تحدثت عن الحب صنعته ،
وان عشت الوجع قهرته
أولد كل صباح من جديد وأسلم في آخر الليل اجنحة خيالاتي لأمهار المجون
في شجرة الحياة انا الغصن العصي على الكسر ، اليانع كوجه طفل والسخي ككف جد ،
وارف المجد والكبرياء ،
لا أنحني إلا لأطعم الأرض والعابرين .
فمن ذا الذي يجرأ على محاولة ليِّ عنق كل هذا العنفوان في جبهتي أو إنكار الخَضَار في أعماقي.
خبرتي بفراش أزاهير البراري ، لا تقل عن خبرتي بقنص الضباع .
انا المسرف في كل شيء حدود اليقين ،
افرح بصخب واحزن بوقار ،
وابكي بصمت ،
اعشق بجنون ، واكره بترفع .
قويٌ بدون استقواء ،عاشقٌ بدون تذلل ، هائجٌ كبركان ووادعٌ كحصاةٍ لامعة في قعر نهر شفيف،
تلك هي مفردات المكان .
ذلك الذي أورثني من الكبرياء ما يقيني لعنة التكبر ، ومن الرضا ما يتوج قلبي بمجد الوثوق والسماح ومن المحبة مايكفي لاخماد حروب العالم .
طفولتي التي أمضيتها حافياً سمحت للتراب أن يتغلل في دمي فنشأت مثله كثيفاً متجدداً مليئاً بالخير والاسرار .
كل تلك الاضواء لا تغري أبناء القمر والنجوم والسهر على سطح بيوتات الحب . عندما وحدها الامومة والريح والحبيبة يحق لها أن تعبث بشعري فيضيء المكان.
انت المحكوم بالذل والاستجداء والركض تحت الدخان والغبار وخلفه ، وانا الملك باستغنائي ونقائي .
انا الوِسْعَةُ وأنتَ الضِيقْ . أنا الصفاء وانت العكر ، أنا التعفف وانت العوز ، أنا السخاء ما ملكت عيوني وانت المنكفئ ما قَصُرتْ يداك .
انت مغبون يا صديقي عندما صدقت كذبة الامكنة والمسميات ...!!
لقد ارادوك لهم عبداً فقبلت ، سوغوا لك الذل تمدن فاستسغت .
حشروك في صناديق الرغبة بالبقاء حياً فأطعت .
عُدْ لزيارتي يوماً لاخبرك أن الحياة مشوار لا يقبل المهادنة .
وأن الوصول قمةٌ لا تُبنى على الاحتمال ،
وأن الكرامة قيمةٌ لا تحتمل التأويل .
#الأستاذ_خلدون_خيو
#ريف
#السويداء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق